دراسة بحثية في مركز بابل للدراسات الحضارية والتاريخية تبين القضية القبرصية والصراع التركي اليوناني في ظل الموقف الدولي 1960 - 1994

طباعة ورفع: وسام ناجي المعموري

عدد الزيارات: 752

بواسطة قسم الاعلام والعلاقات العامة


كتابة وتحرير - قسم الاعلام, رئاسة جامعة بابل

تاريخ النشر: 10/02/2016

اخر تصفح: 2024/04/19


اعد الباحث في مركز بابل للدراسات الحضارية والتاريخية بجامعة بابل الدكتور احمد جاسم ابراهيم حميد دراسة بحثية الموسومة " القضية القبرصية والصراع التركي اليوناني في ظل الموقف الدولي 1960 - 1994 ".

تناول فيها القضية القبرصية التي تعد احد اهم المشاكل التي توليها تركيا اهمية خاصة وتتأثر تركيا بمواقف الدول الاخرى ازاء هذه القضية سلبا كان ام ايجابا ، لأنها تشكل مساسا لأمنها القومي كما تعد تركيا نفسها مسؤولة عن تامين الحماية للجالية التركية في قبرص . اما من جانب اليونان فقد تشكل القضية القبرصية محورا من اهم محاور السياسة الخارجية اليونانية كما ان موقف الدول الاخرى من هذه المسالة يعد من وجهة نظرها المعيار الرئيس الذي تقترب او تبتعد فيه من هذه الدول . وتخفي جزيرة قبرص الواقعة في شرق البحر المتوسط جذورا لصراع دموي يكاد يكون مستمرا بين شقي سكانها اليونانيين والأتراك ، والذين جمعتهم دون تعايش سلمي ظروف التاريخ والهجرة والجوار الجغرافي للدولتين الام تركيا واليونان ووصل الخلاف وسوء الفهم بينهما الى حد نشوب حروب اهلية .

وبينت الدراسة ايضا اسباب ذلك الخلاف والصراع الى ذلك التركيب السكاني الذي يميز شعب الجزيرة اذ انها تشتمل على قوميتين متنافستين دينيا وتاريخيا احداهما تركية والأخرى يونانية فضلا عن ان هذه المشكلة التي تشغل بال السياسيين في اليونان لا ترجع الى مسالة توازن القوى السياسية داخل الجزيرة فحسب وانما تنبع كذلك من سمات النظام السياسي المشترك في الجزيرة منذ استقلالها عام 1960م والذي فرضته عليها الدول الثلاث اليونان وتركيا وبريطانيا .

كما خرجت الدراسة باستنتاجات منها ان القضية القبرصية تعد من أكثر القضايا الدولية تعقيداً أو أكثرها تأثيراً مباشراً في العلاقات التركية اليونانية خصوصا وفي علاقات تركيا الدولية عموماً و ان اليونانيين و الاتراك رغم انهم عاشوا معاً ولقرون طويلة في ارجاء الجزيرة إلا انهم وكما يظهر من تطور الاحداث في قبرص لم يستطيعوا ان يطوروا علاقات وثيقة فيما بينهم فاليونانيون في الجزيرة والذين خضعوا اكثر من ثلاثة قرون للسيطرة العثمانية تمكنوا رغم ذلك من المحافظة على طريقة حياتهم وديانتهم وجذورهم التاريخية وساعدت في ذلك الكنيسة القبرصية اليونانية والشيء نفسه بالنسبة للأتراك فقد استطاعوا ان يحافظوا على ديانتهم وطريقة حياتهم وتراثهم ولم يندمجوا في الحياة اليونانية رغم انهم يشكلون اقلية في الجزيرة .
وتأسيسا على ذلك نجد أنفسنا أمام مجتمعين منغلقين على نفسيهما وهذا الشيء يتضح أيضاً من خلال العداءات التاريخية القديمة بين اليونانيين والأتراك الشيء الذي اثر لسوء الحظ على علاقات الطائفتين اللتين تشكلان شعب الجزيرة فضلا عن ذلك هناك عامل أخر يدخل ألا وهو ان زعماء كلا الطائفتين لم يهتموا كثيرا للعمل من اجل تطوير مجالات التعاون والمشاركة بين اليونانيين والاتراك للوصول الى مجتمع موحد . وهنا لاتغيب مساهمة الكنيسة الارثودكسية القبرصية في وضع العقبات امام تقارب المسلمين والمسيحيين ، فضلا عن ان اسلوب الادارة البريطانية يمكن اعتباره عاملا اخر اذ ساعدت الاتجاهات التي تعمل على تباعد الطائفتين فالمشاريع الدستورية التي عرضها البريطانيون في مدة مابعد الحرب أظهرت بوضوح أهدافهم ومحاولاتهم لاستغلال التوازنات بالوقوف الى صف الطائفة التركية من اجل مواجهة الطائفة اليونانية.

وان تلك السياسة مع التدخل الخارجي لكل من تركيا واليونان في الشؤون الداخلية للجزيرة القبرصية قد ساعدت كثيرا على تأزم وتوتر العلاقات بين الطائفتين والتي أدت بالنتيجة إلى تصاعد روح العداوة التي وصلت ذروتها عام 1974م اذ قامت القوات التركية بغزو جزيرة قبرص بعد الانقلاب على الأسقف مكاريوس في العام نفسه،ووصلت الأمور الى طريق مسدود بعد اعلان الطائفة التركية الاستقلال من جانب واحد الا انهم عادو الى طاولة المفاوضات مرة اخرى بعد عام واحد وإن طبيعة هذه المفاوضات التي جرت بين الجانبين الرئيسيين ، القبرصي التركي والقبرصي اليوناني ، لم تتغير جوهريا من حيث إصرار كل جانب على تحقيق مطالبه ، وبالتالي فلم يجر أي تقدم أساسي في طريق حل القضية طوال المدة (1975-1991) ، على الرغم من بعض التنازلات التي قدمها الطرفان ، وخصوصا الجانب القبرصي التركي لتسهيل الجهود في الوصول إلى حل مرض للطرفين .

ومع أنه كان من الصعب التصور أن حل القضية القبرصية لا يمكن أن يتم بدون أن يحظى بدعم من تركيا واليونان ، إلا أن الأخيرتين لم تلعبا دورا مباشرا في المفاوضات المتبادلة بينهما حول القضية وإنما استجابتا لمجموعة من المبادرات التي قدمت من الولايات المتحدة والأمم المتحدة ، وبنسبة أقل من بريطانيا والاتحاد السوفيتي ومن جانب آخر ، فقد أخذ كل من القبارصة الأتراك واليونانيين ، بوصفهما الطرف المباشر في الصراع ، زمام المبادرة كلاهما في تحديد شروط الاستقرار الممكن للجزيرة وفي إدارة المفاوضات ونتيجة لتعثر المفاوضات بين الطائفتين اليونانية والتركية من جهة وتدويل الازمة القبرصية من قبل الولايات المتحدة من جهة اخرى تشير الامور الى صعوبة الاتفاق على حل يرضي الطرفين الا بتقسيم الجزيرة مستقبلا .

بقلم / رافع عبد القادر

تاكات المحتوى: دراسة بحثية في مركز بابل للدراسات الحضارية والتاريخية تبين القضية القبرصية والصراع التركي اليوناني في ظل الموقف الدولي 1960 - 1994
لاي اسئلة او استفسارات, يمكنكم الاتصال بالكاتب عبر البريد الالكتروني: h@uobabylon.edu.iq

جميع الحقوق محفوظة - شعبة موقع الجامعة © جامعة بابل